الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً … أما بعد:
من المعلوم أن الشريعة الإسلامية وكذلك الأنظمة الوضعية قد أكدتا ضرورة الوفاء بالديون وسنتا لذلك من الوسائل ما يكفي لضمان وفاء حق الدائن من المدين، ويجعله في مأمن من الجحود أو ضياع حقه، ومن هذه الوسائل الضمانات العينية والتي من ضمنها الرهن العقاري الذي هو ضمان خاص للدائن يمكنه من استيفاء حقه من العين المرهونة حال تعثر المدين عن السداد، والتي تُقدم الائتمان للدائن وتمكنه من الحصول على ماله وتحمي الدائن من خطر تهرب المدين واحتياله او تهريب أمواله، وعلى ذلك فإن الرهن العقاري ضمان للدائن، وتبع لذلك لا يجوز لمالك العقار -الراهن- أن يتصرف ببيع العقار المرهون قبل سداد الدين الذي عليه، واتفقت المذاهب الأربعة على أن تصرف الراهن لا ينفذ إلا بإذن المرتهن، وذلك لأن التصرف فيه إبطال لحق المرتهن بغير رضاه، ويفقد ضمان دينه والذي هو المقصد الأساسي من وجود الرهن، وذلك يُلحق ضرراً بالمرتهن وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرر بقوله: “لا ضرر ولا ضرار” ويتعبر البيع باطلاً إلا عند الحنفية الذين أوقفوا نفاذ التصرف بإجازة المرتهن، فإذا رضي ببطلان حقه زال المانع فنفذ التصرف، وقاسوا ذلك على أنه وإن كان الراهن يتصرف في ملكه فهو كمن أوصى بجميع ماله، فهذا التصرف موقوف على إجازة الورثة فيما زاد على الثلث لتعلق حقهم بالتركة ، وقد وردت مبادئ من المحكمة العليا مضمونها عدم جواز التصرف بالعقار المرهون ومنها المبدأ رقم (٥/١٨٣) وتاريخ ١٤٢٣/٣/٣هـ “العين المرهونة لا يصح بيعها إلا بموافقة المرتهن، أو سداد حقه التي رهنت العين به والالتزام بسداد حق المرتهن لا يجعل البيع صحيحاً إلا بموافقة المراهن”، وكذلك القرار رقم ٣٥/٧ / ب و تاريخ ١٤٢١/١/٧هـ الرهن من موانع البيع”
كتبه محامي متدرب/ حسن الياسين .