الإيذاء: هو كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية. ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم.
ولمّا كان العنف الأسري صورة من صور الإيذاء المحرم شرعاً والمجرّم نظاماً، وهو يعتبر نمط من السلوكيات العدوانية والتعسفية التي يتعرض لها فرد أو عدة أفراد في بيئة الأسرة سيكون حديثنا في مقالتنا هذه عنه. ويمكن أن يشمل العنف الأسري العنف الجسدي، والعنف النفسي، والاعتداء الجنسي، وإهمال الرعاية، والاستغلال المالي، مما ينتج عنه عدة عوامل قد تكون سبباً في انحراف هذا الفرد أو من يحيط به.
وغالب أسباب انحراف الشباب والفتيات كان بسبب هذا إمّا زوجٍ منحرف أو أبٍ ظالم أو أخٍ متسلّط بل حتى أوأمٍّ انعدم حياؤها وتمرّدت.
وهذا النوع من الإيذاء له نتائج عكسية وسيئة جداً كالأضرار النفسية السلبية، مثل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم ونقص الثقة بالنفس، وقد يعاني الأطفال الذين يشهدون العنف الأسري أمام أعينهم من صعوبات في التعلم والتطور العاطفي والاجتماعي.
ومما يصاحب هذا النوع من الإيذاء تأثر ضحاياه بالعزلة الاجتماعية والانعزال عن المجتمع، وقد يتعرضون للتمييز والاستغلال من الغير، وفي النهاية نتيجتها الحتميّة غالباً انهيار العلاقات العائلية وتفكك الأسرة.
وما مر ذكره هو جزء يسير ممّا ينتجه هذا النوع من الإيذاء، ولذلك صدر نظام الحماية من الإيذاء والذي كان تاريخ صدوره في: 15/11/1434هـ وقد نص النظام على عقوبات بالسجن والغرامة لا تزيد عن خمس سنوات بالحبس وغرامة لا تتجاوز (300.000 ريال) بحسب اقتران الإيذاء في أماكن أو أحوال أو أشخاص معينين جاء تفصيله في المادة الثالثة عشرة من هذا النظام.
وبصفة عامة، فإنه يجب العمل على مكافحة هذا النوع من الإيذاء (العنف الأسري) فنتائجه تنعكس وبشكل واضح على المجتمع بأكمله وليس على الأفراد بأعيانهم، ويكون ذلك من خلال:
1. زيادة الوعي والتثقيف: يجب تعزيز الوعي بأضرار العنف الأسري وتعريف الناس بحقوقهم وخياراتهم للحماية والدعم وهذه من المسئولية الاجتماعية التي ينبغي على القانونيين الالتفات لها.
2. تعزيز الدعم الاجتماعي: بتوفير الدعم لضحايا هذا الإيذاء ومساعدتهم بآليات وطرق للتبليغ عن العنف والحصول على المساعدة.
3. تشريعات وإجراءات للحماية: وضع تشريعات قوية لمكافحة العنف الأسري وتطبيقها بشكل صارم، بالإضافة إلى توفير الخدمات القانونية المتاحة للضحايا وبشكل مجاني.
4. التدريب والتثقيف: توفير التدريب والتثقيف للمهنيين في القطاعات المختلفة مثل العاملين في المجال الصحي والشرطة والعاملين في القضاء، لتعزيز قدرتهم على التعامل مع حالات العنف الأسري وتقديم الدعم المناسب.
5. تغيير الثقافة وتعزيز المساواة: فتعزيز ثقافة الاحترام والمساواة بين الأفراد وتشجيع الرجال والنساء على المشاركة في جهود مكافحة العنف الأسري، وأن الرجال والنساء مكمّلين لبعض وليسوا أنداداً أو أضداداً كما يروَّج له الآن من بعض أصحاب العقول الهزيلة.
إلى غير ذلك من الحلول التي ستكون نتائجها نافعة وداعمة للجميع.
المحامي/ عوض العتيبي
المدير العام والمؤسس لشركة إقدام للمحاماة